اجمل شعر عن مظاهرات 11 ديسمبر 1960 … “لقد زلزلت مظاهرات 11 كانون الأول/كانون الأول 1960 كيان العدو الفرنسي، وأثبتت أن يد الثورة الجزائرية تتعدى المناطق الجبلية إلى المدن، وتحرك الحشود متى تشاء وكيف تشاء، وتدمر مؤسساته العسكرية والمدنية على السواء، وقد كانت فوق ذاك كله برقية بالغة الكلام موجهة إلى التقدم الفرنسية، وعلى رأسها شارل ديغول المتغطرس، والرأي العام الدولي المعترف به رسميا والشعبي، بأن الشعب الجزائري مصمم على استرجاع سيادته أيما كان قيمة وأوضاع التصدي”.

بتلك الفقرات المُفعمة بعنفوان الثورة الجزائرية في مواجهة الانتزاع الفرنسي (1954-1962)، يسترجع المجاهد الرمز، لخضر بورقعة، رحمه الله، ذكريات هذه المحطة الملحمية، التي كان سابعُ مخططيها ومفجّريها في إطار زعامة الثورة.

أما عن سياقها التاريخي، فقد أتت تلك المظاهرات السلمية عقب فشل مفاوضات الضاحية الباريسية، ميلان، بين إدارة الدولة الجزائرية المؤقتة والجانب الفرنسي في فترة حكم الرئيس شارل ديغول، ما بين 25 و29 حزيران/حزيران 1960، نتيجة لـ معاملة باريس موفدي الثورة الجزائرية، محمد الصديق بن يحيى وأحمد بومنجل كمتمردين، إذ منعتهما من الإتصال مع الصحافة، وأيضاً اشتراطها استسلام المجاهدين وفصل الصحراء عن في شمال البلاد، على حسب ما ورد في كتاب المؤرخ الجزائري، بشير بلاح، “تاريخ الجزائر في قرنين 1800-2000”.

وبذلك كان رد الجزائريين على مناورات الجنرال ديغول، وعلى ضوضاء المستوطنين المتشبثين بخرافتهم القديمة “دولة الجزائر فرنسية” (l’Algérie Française)، وعلى معاداتهم لجبهة الإعتاق وللجزائريين، وجرائمهم التي حصدت أرواح المسلمين عشية زيارة ديغول في حينها للجزائر، مثلما يؤكد المستقصي بلاح.

اقراء ايضا : مظاهر الاحتفال بعيد الشرطة وثورة 25 يناير 2022

جس نبض
من جهته، علل المؤرخ أمحند أرزقي فراد في تصريح للجزيرة نت، أن أحداث 11 كانون الأول/ديسمبر أتت على مرجعية مظاهرات المستوطنين الفرنسيين المندّدين بسياسة ديغول، والتي وصفوها بالخيانة، بعد أن بدت في الأفق شكل وجه تقوده صوب الاعتراف بحق الجزائريين في توثيق مصيرهم.

وحسب المؤرخ الفرنسي شارل روبير أجيرون، فإن زيارة الرئيس ديغول للجزائر في شهر ديسمبر/كانون الأول 1960، كانت تهدف إلى علم أمرين مهمين هما: قوة الجبهة الفرنسية المعارضة لسياسته في جمهورية الجزائر، وكمية شعبيته عند الجزائريين المسلمين، على حسب ما أورده أرزقي فراد.

إلا أن الجزائريين خرجوا في مظاهرات حاشدة ما بين 10 و16 ديسمبر/ديسمبر، بلغت ذروتها يوم 11؛ ليؤكدوا فيها تشبثهم باستقلال دولة الجزائر ووحدتها، وتأييدهم لجبهة الاستقلال ولحكومتها المؤقتة.

مسيرات واعتقالات وشهداء
وانطلقت المسيرات صبيحة يوم الأحد 11 كانون الأول/ديسمبر 1960 من حي بلوزداد (بلكور سابقا)؛ لتتوسع سريعا إلى مختلَف أحياء العاصمة، ثم شملت مدنا كبرى، أكثرها أهمية وهران، وعنابة، والبليدة.

وتفاجأ الفرنسيون بالكثافة الشعبية والتنظيم المحكم للمظاهرات، فجاء تجاوب السلطات الفرنسية قويا لقمع المسيرات، واجتمع قوات الاحتلال الحشود العزل بالسلاح الناري والدبابات والمدافع والرشاشات، مخلفا زيادة عن ثلاثمائة شهيد جزائري، بحسب ما سجله المؤرخ بلاح.

كما نهضت أجهزة الأمن الفرنسية بالمداهمات الليلية لاختطاف الجزائريين من بيوتهم، والإغارة على المدنيين، وهم يُوارون شهداءهم، بالإضافة إلى سلسلة اعتقالات مست الآلاف من الجزائريين، بحسب أصول تاريخية متنوعة.

ومع هذا، فإن هذه المسيرات الشاملة قلبت جميع الموازين وعرت الإعداد الفرنسية، ومن ورائها الحلف الأطلسي، وأكد الجزائري من خلالها أنه لا يقبل بما دون الحرية والاستقلال التامين، كما كتب المجاهد بورقعة، الواحد من أفراد الرحلة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني السابق، في مذكراته “شاهد على اغتيال الثورة”.

ومن تلك الزيارة، يقول فراد، أمسى الرئيس ديغول يتكلم عن “جزائر جزائرية متعلقة بفرنسا”، بعدما استخلص أن الشعب الجزائري مرتبط بثورته أسفل زعامة جبهة الإعتاق