خطب شهر يونيو 2022 .. الله اكبر الله اكبر، الله أكبر الله أضخم، الله أضخم الله أكبر، الله أضخم الله أضخم، الله أضخم.
الشكر لله الذي سهَّل لعباده طُرق العبادة ويَسَّر، وأفاض عليهم مِن خزائن جوده التي لا تُحصر، وجعل لهم عيدًا يعود في كل عام ويتكرَّر، وتابع لهم مواسم الخيرات، لتزدانَ أوقاتهم بالطاعات وتُعمَر، وأشهد أنْ لا إله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أنصحُ مَن دعا إلى الله وبشَّر وأنذَر، وأجودُ مَن مجهودَّد لله وذكَّر، فصلَّى الله علبه وعلى آله وأصحابه ما لاح هِلال وأنور، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

خطب شهر يونيو 2022

فاتقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى، واجعلوا تقواه نُصْب أعينكم في السِّر والعلن، وحال الإقامة والسَّفر، فإنَّ تقوى الله أكرمُ ما أسررتم، وأجمل ما أظهرتم، وأجود ما ادَّخرتم، وقد صرح ربكم ــ عزَّ وجلَّ ــ آمرًا لَكُم: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى، واعلموا أنَّ تقواه سبحانه إنَّما تكون بالمسارعة إلى مغفرته ورضوانه، بتصرف الحسنات المُنجيات، وترك الخطيئات المُهلكات، قبل انصرام العُمُر، وفوات أوقاته وساعاته

فإنَّ هذه الليالي والأيَّام تُبحسب مِن آجالكم، وهي خزائنٌ لأعمالكم: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا، فأودعوا فيها مِن الأفعالِ الصالحةِ ما يَسرُّكم بعد الهلاك وحين الحساب والجزاء، يومَ يُصرح للمحسن والمحسنين: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي

الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ، واحذروا أنْ تودعوا فيها مِن الأعمالِ ما يَسوؤكم، يومَ يقولُ المفرِّط والمضيِّع متحسرًا: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ .

أيُّها المسلمون:
احذروا الوقوع في الشرك بالله ــ عزَّ وجلَّ ــ، فإنَّ الشرك أعظمُ ذنْب عُصي اللهُ بِه، ولا يَغفره الله لِمن لقي حتفه فوقه ولم يَتُب مِنه، وحابطةٌ بسببه جميع طاعات صاحبه، فلا تنفعه لدى الله الآخرة، ومُحرَّم فوقه دخول الجنة، وهو مخلَّد في نار جهنم، ألا وإنَّ مِن الكفر والشرك بالله: دفعَ قليل من العبادات لغير الله تعالى لاسيَّما عبادة الصلاة، ولا ريب عند الجميع أنَّ دفعَ أيَّ عبادة لغير الله كفرٌ وشرك مٌخرج عن مِلَّة الإسلام.

وإنَّنَا نَرى اليوم قليل من الناس يتوجهون بعبادة الدعاء ويصرفونها لرسول الله عليه الصلاة والسلام فيقول أحدهم داعيًا: “فرج عنَّا يا رسول الله”، “يا رسول الله اجعلنا في شفاعتك”، وآخَرُ يصرفها للبدوي فتسمعه يدعوه قائلًا: “مدد يا بدوي”، يشير إلى: أمِدَّنا بالعون والنُّصرة وما نتطلب إليه، وثالث يدعو الجيلاني فيقول: “أغثنا يا جيلاني”، ورابع يدعو الميرغني فيقول:”ادفع عنا يا ميرغني”، وخامس يدعو الحسين فيقول:”اكشف ما بِنا يا حسين”، “أجرنا مِن النار يا حسين”، وسادس يدعو الرفاعي فيقول:”شيئًا لله يا رفاعي”، ولذا يدعو فلان، وتلك تدعو فلانة.

يفعلون ذاك الكفر والشرك الشنيع الزاخر بصرف النظر عن أنَّ الله سبحانه وتعالى قد زجرهم ونهاهم عنه بأوضح عبارة وأبينِها في القرآن، وهُم يقرؤونها باستمرار، حيث قال سبحانه: فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا

فنهانا سبحانه في تلك الآية أنْ ندعوَ معَه أيّ أحدٍ حتى ولو عَظُم وجَلَّ بين الخلق، حتى ولو أنه ملكًا مُقربًا، أو نبيًا مرسلًا، أو وليًا صالحًا، ثم حكم بأنَّ دعاءهم بصحبته شركٌ وكفر، بل وصحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ مآل مَن دعا غير الله وموضعَّه النار، فقال: (( مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ )).