خطبة الجمعة عن نصاب الزكاة ..  إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ ونَسْتَعينُهُ ونَسْتَهْديهِ ونَشْكُرُهُ، ونَعوذُ بِاللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنا ومِن سَيِّئاتِ أَعْمالِنَا، من يَهْدِ الله فلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ فلا هادِىَ لَهُ، وأشهدُ أن لا إله سوى الله وحدَهُ لا شريكَ لهُ ولا مَثيل ولا شبيه ولا ضِدَّ ولا نِدَّ له. وأشهدُ أنَّ سَيِّدَنا وحَبيبَنا وعَظيمَنا وقائِدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا مُحمّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ وصَفِيُّهُ وحَبيبُهُ مَن بَعَثَهُ اللهُ رَحمَةً لِلْباهظَمينَ هادِيًا ومُبَشِّرًا ونَذيرًا بَلَّغَ الرِّسالَةَ وأَدَّى الأَمانَةَ ونَصَحَ الأُمَّةَ وجاهَدَ فى اللهِ حَقَّ جِهادِهِ فَجَزاهُ اللهُ عَنَّا خَيْرَ ما جَزَى نَبِيًّا مِن أَنبِيَائِه. اللَّهُمَّ صلِّ على سيّدِنا محمدٍ وعلى ءالِ سيدِنا محمدٍ كَما صَلَّيْتَ على سَيِّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سَيِّدِنا إِبراهيمَ وبارِكْ على سيِّدِنا محمّدٍ وعلى ءالِ سيِّدِنا محمّدٍ مثلما بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيِّدِنا إبراهيمَ إِنَّكَ حميدٌ مجيدٌ.

خطبة الجمعة عن نصاب الزكاة

أَمّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ، فَإِنِّي أُوصيكُمْ ونَفْسي بِتَقْوى اللهِ العَلِيِّ القَديرِ القائِلِ في مُحْكَمِ كِتابِهِ ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ (5) ﴾ سورة البينة / 5.

إن الزكاة كانت مفروضة على الأنبياء وأتباعهم المسلمين. فالله أخبرنا أن عيسى قال: ﴿وَأَوۡصَٰنِي بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمۡتُ حَيّٗا ٣١﴾ مريم. وايضاًً بنو إسراءيل فى التوراة والإنجيل: ﴿وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ ٥﴾ البينة. ومدح الله نبيَّه إسمعيل: ﴿وَكَانَ يَأۡمُرُ أَهۡلَهُۥ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِۦ مَرۡضِيّٗا ٥٥﴾ مريم.

وقد كان ضرورة الزكاة على أمة محمد ﷺ فى السنة الثانية من الهجرة. والزَّكاةُ إِخْوَةَ الإِيمانِ هِيَ أَحَدُ الأُمورِ الَّتي هِيَ أَعْظَمُ أُمورِ الإِسْلامِ، كما روى البخارى ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بُنِىَ الإسلامُ على خمس: شهادةِ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقامِ الصلاة، وإيتاءِ الزكاة، وحجِّ البيت، وصومِ رمضانَ.” اﻫ

ومَنْعُ الزَّكاةِ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ مِنَ الكَبائِرِ لِحَديثِ رَسولِ اللهِ صلى اللهُ فوقه وسلم “لَعَنَ اللهُ ءاكِلَ الرِّبا ومُوكِلَهُ ومانِعَ الزَّكاة” رواه ابن حبان. فَمَنْ مَنَعَها بَعْدَ أَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وهُوَ يَعْتَقِدُ وُجوبَها لا يَكْفُرُ لَكِنَّهُ عَصى اللهَ مَعْصِيَةً كَبِيرَةً لِأَنَّ الزَّكاةَ فَرْضٌ في الـمالِ وحَقٌّ للهِ تَبارَكَ وتَعالى على صاحِبِ الـمالِ الَّذي تَجِبُ فيهِ الزَّكاةُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَها فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ وَقَعَ في ذَنْبٍ عِنْدَ اللهِ تَعالى كِبيرٍ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ عَذابَ اللهِ الشَّديدَ في نارِ جَهَنَّمَ، نارِ جاءَ في وَصْفِها أَنَّ نارَ الدُّنيا هِيَ جُزْءٌ على سَبْعينَ مِنْها أُوقِدَ عَلَيْها أَلْفَ عامٍ حَتّى احْمَرَّتْ ثُمَّ أَلْفَ عامٍ حَتى ابْيَضَّتْ ثُمَّ أَلْفَ عامٍ حَتى اسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْداءُ مُظْلِمَةٌ.

ويَقولُ النَّبِيُّ الأَعْظَمُ صَلّى اللهُ فوقه وسلَّمَ “مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلاَ فِضَّةٍ لاَ يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ العِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ قِيلَ يَا رَسُولَ الله فَالإِبِلُ قَالَ وَلاَ صَاحِبُ إِبِلٍ لاَ يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ أَوْفَرَ مَا كَانَتْ لاَ يَفْقِدُ مِنْهَا فَصِيلاً وَاحِدًا تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا وَتَعَضُّهُ بِأَفْوَاهِهَا كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولاَهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ العِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ قِيلَ يَا رَسُولَ الله فَالبَقَرُ والغَنَمُ قَالَ وَلاَ صَاحِبُ بَقَرٍ وَلاَ غَنَمٍ لاَ يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ لاَ يَفْقِدُ مِنْهَا شَيْئًا لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ وَلاَ جَلْحَاءُ وَلاَ عَضْبَاءُ تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِأَظْلاَفِهَا كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولاَهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ العِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ”. رَواهُ مُسْلِم.